وعي المجتمع، الخطر الأكبر
قال سيد قطب رحمه الله: إن أكبر خطر على الطغاة هو وعي المجتمع تجاه
حقوقه.
وهناك معنى آخر لهذه المقولة: إن وعي المجتمع تجاه حقوقه هو الداعم
الأكبر للحاكم العادل والموجه الأهم له.
إذن فوعي المجتمع هو عنصر اجتماعي هام يجب التركيز والعمل عليه بشكل
دائم ومستمر بلا هوادة من جميع الرجال والنساء المثقفين الذين لديهم القدرة على
التأثير والوصول إلى أكبر شريحة من المجتمع بالأسلوب الأفضل والأمثل.
وهنا تأتي المبادرة... من هو الذي سيبادر ويبدأ بتوعية نفسه أولا ومن
حوله ثانيا؟ ومتى يعتبر المرء واعيا فعلا لما حوله؟
الوعي الحقيقي هو عندما لا توجِّه المرء وسائل الإعلام يمنة ويسرة حيثما
ذهبت يذهب...
الوعي هو عندما يكون للمرء علم عميق بما يستحق من حقوق وبما عليه من
واجبات...
الوعي هو عندما يعلم المرء حقيقة ما يدور حوله من أحداث وليس فقط ما يتم
التقاطه عبر الكاميرا...
الوعي هو استيعاب حدود المرء وحدود غيره في المعاملات والتواصل
والتعاملات المباشرة وغير المباشرة.
الوعي هو عندما نعلم ما هو المستقبل الذي نستحق والذي سبقنا إليه غيرنا
والماضي الظالم الذي ساعدنا على صناعته بأنفسنا.
من كان له القدرة على أن يكون واعيا، تقع على عاتقه المبادرة التي يجب
أن يكون أهلا لها في توعية المجتمع بما لديه من أفكار من خلال الكثير من الوسائل
التي أصبحت متاحة في هذا الزمان والفكرة هو الاستفادة منها بالشكل الأمثل والأنسب
والأذكى. (فعلى سبيل المثال: تغريدة في تويتر قد تبقى يومان أو ثلاثة ويضعف أثرها بعد
ذلك، أما محاضرة مصورة أو مقال متقن قد يبقى زمان أطول كثيرا) فتحديد الأداة
المستخدمة في التوعية هي قرار يجب اتخاذه بعناية.
إن عدم السلبية في هذا الإطار هو حجر أساس في النجاح في توعية المجتمع،
فهناك من يقول: وماذا إن كتبت مقالة ما أو تغريدة أو (بوست) ما الذي سيؤثر؟ ولم أنشر
شيئا (قد) يضرني طالما أنه لن يؤثر؟ هذه هي السلبية التي نحذر منها.
إن التأثير في المجتمعات والوصول بها إلى الوعي الحقيقي يحتاج حقبة
من الزمن قد تطول أو تقصر، كما أن تحقيق هذا الهدف لا يمكن إلا بتضافر جهود الآلاف من
الواعين وعلى المدى الطويل والعمل الدؤوب المستمر حتى وإن كانت هذه الجهود من دون اجتماعات
وترتيبات وتنسيق فيما بينهم، فقط على كل واعٍ أن يبحث عن الفجوة التي بإمكانه أن
يسدها ويعمل بكل قدرته على سدها. كما أن تطوير الذات والتعلم والقراءة المستمرة وسيلة هامة في تحقيق الوعي الذي نسعى إليه.
الطريقة الأخرى لوعي المجتمعات هي وقوع المآسي التي تضرب في صميم
المجتمع، فعلى سبيل المثال: متى انتبه الشعب السوري لخطر ما تسمى (داعش) إلا بعد
أن ذاق ويلاتها بعد أن كان من يهاجم داعش شخصا منتطعا ولا يسمع له كلام! ومتى انتبه
الشعب السوري لعدم اكتراث المجتمع الدولي له إلا عندما ظهر تخاذله وتركه يذبح يوميا؟
إن البدء بالتوعية في الدائرة الضيقة (الأسرة والعائلة) والتوسع إلى ما
حولها هو الخطوة الأولى التي على كل واع البدء بها، وإن لم نبدأ الآن، فهل ننتظر
مأساة تجعلنا نستوعب رغما عنا ما هي حقوقنا؟
تعليقات
إرسال تعليق