يوم أن كنا صغارا
يوم أن كنا صغارا
م. جهاد بوابيجي
يوم أن كنا صغارا كان المعلم في المدرسة يقول لنا: صلوا فإن الصلاة لا تأخذ منك أكثر من خمس دقائق…
فتعلم الكثير التخلص من الصلاة لا الاستمتاع بها
يوم أن كنا صغارا كان يخبرنا المعلم أن الصيام ينتهي بمجرد الإفطار، وماذا أكلتم البارحة؟ وكان يخبرنا أننا سنستمتع بالأكل بعد الجوع والعطش.
فتعلم الكثير صيام الفم ولم يتعلم صيام الروح والقلب وصرنا ننتظر الإفطار ولا ننتظر الإمساك
فنشأ جيل أصبحت الشعائر بالنسبة له عادات روتينية وليس عبادات يتقرب بها إلى الله.
يوم أن كنا صغارا كان المعلم يقول لنا بعد العطلة إلى أين سافرتم وإلى أي بلاد اتجهتم وكيف كانت سياحتكم.
فتعلمنا أن العطلة للمتعة وإضاعة الوقت ولم نتخيل أن يكون لنا إنجاز في العطلة
يوم أن كنا صغارا كان المعلم يتابع من ((يكتب)) الواجب ويعاقب من لا يكتب… فقط..
فنشأ جيل يسعى إلى نقل الأحرف من الكتاب إلى الدفتر ولم يكن ليتخيل ان يفكر بما يكتب فقتل الإبداع لدينا في الكتابة بل وصرنا لا نريد القراءة ونرفضها لأنها كانت عبارة عن ((واجب))
يوم أن كنا صغارا كان المعلم يسألنا: ماذا تريد أن تكون عندما تكبر ولم يسألنا ماذا تريد أن تنجز في حياتك!!
فنشأ جيل يسعى إلى أن يكون موظفا لديه ما يكفي من المال الذي يجنيه من الراتب أو الـ(بزنس) الذي يحلم به ولا يطمح لإنجاز ما مهما كان صغيرا.
يوم أن كنا صغارا كان المعلم يقول لنا صلوا حتى لا يدخلكم الله في جهنم، أطع والديك حتى لا يغضب الله عليك، تصدق حتى لا يكويك الله في نار جهنم..
فنشأ جيل لا يحس بحب الله له على قدر ما ينظر إلى الله على أنه مصدر للعقاب والرعب والخوف ودخول جهنم!!
يوم أن كنا صغارا كنا نصغي لكل حرف يقوله المعلم، بل وكانت عقولنا تسجله وتحفظه وهو الذي كنا ننظر إليه على أنه قدوة لنا نرجو أن نكون مثله
يوم أن كنت صغيرا، أذكر ولا أنسى المعلم الذي قضى حصة كاملة وهو يسرد لنا كأطفال المحرمات بأسلوب مرعب لا يمكن أن يمحى من ذاكرتي… فصرت أفكر (كطفل) ماذا ترك لنا الإسلام؟
لم لا يكون المعلم مصدرا للإلهام، بل ومصدرا لإدخال الطالب في عوالم أخرى تجعله يتحرر من الجدران وتوسع مداركه وتجعله قادرا على تخيل مستقبله وطموحه.
لم لا يكون المعلم قادرا على نقل الأحاسيس الراقية للصلاة والصيام والصدقة والعبادات إلى التلميذ؟ لم لا يعمل المعلم على نقل التلميذ الذي أمامه إلى عوالم الإيثار والعمل لإعلاء كلمة الله والزهد في ملذات الدنيا وحب الله لنا وحبنا له.
إن التعبير عن المشاعر بصدق هو جزء من نقل تلك المشاعر إلى الطرف الآخر وهي الخطوة الأولى كي يبدأ المستمع بالدخول للمشاعر الصادقة تجاه ما نفعل، لهذا كان يقول حبيبنا وقرة عينناومعلم البشرية صلى الله عليه وسلم: أرحنا بها يا بلال… كلمات أشعرتنا كم كان يستمتع رسولنا بالصلاة ويلجأ ويهرع إليها.
احذر أيها المعلم… إن وقوفك أمام طلبة ينتظرون منك الكلمة ويأخذونها منك بكل براءة في عقولهم الغضة هو مسؤولية عظيمة هائلة تهد كاهل من يحملها بصدق..
إن كل كلمة تقولها أو تصرف تقوم به يحفظها الطفل ولا تدري كيف ستؤثر في حياته إلى الأبد، وقد تجعل بكلمة منك طفلا قائدا للأمة ومبدعا ذو طموح وإبداع… أو بكلمة أخرى قد تجعل الطفل رعديدا جبانا خائنا خائفا لا همة لديه…
أرسل التلميذ أمامك إلى عالم المتعة بالصلاة والحب العظيم الذي بينه وبين الله. أطلق عنان الأطفال أمامك إلى عوالم الإنجازات التي سيحققونها والتغييرات التي سيصنعونها والطموحات التي سينجزونها والأمة التي سيقودونها. كل لهم بوابة للعالم ولا تكون أمامهم جدارا صامتا يلقنهم معلومات جافة.
حدثهم يا معلم الرياضيات عن أهمية علم الرياضيات في نهضة الأمم وكيف أنه علم مخفي لكن أثره كبير على الصناعات الدفاعية والصناعات الثقيلة
حدثهم يا معلم العلوم عن التفكر في خلق الله وكيف أن الله قال:(( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق، أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد))
أخبرهم يا معلم اللغة كيف أن قوة الأمم لا تكون إلا بجمع العلوم من حولها وأن القراءة بلغات متنوعة هو الباب الأهم لرفعة الأمة ودحر عدوها
أطلعهم يا معلم الشريعة على حكمة الله البالغة في الأحكام الشرعية التي نلتزم بها وأنها تصب في صالح الكائن البشري وأن الله أرساها لأنه يحبنا
لم نحصر أنفسنا في بوتقة المناهج التي أصبحت عائقا أمام التعليم الإبداعي وصارت مادة للتلقين.. أليس من الضروري أن تكون المناهج نقطة البداية للمعلم وليس نقطة النهاية؟؟؟
الطريق أمامنا لا زال طويلا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جهاد
مسؤولية المعلم كبيرة لكنها تلقينية في الغالب
ردحذفوالمربي هو من يصلح هذا الخلل في المناهج والمؤسسات التعليمية
وما أجمل حين يكون المعلم مربيا
وقليل ماهم
نقاط مهمة أثارها مقالكم نفع الله بكم