هل تويتر هو الخيار الأمثل؟

في عصر تتلاحق فيه مستجدات التقنية الحديثة وأصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي تمثل مجتمعاتنا الحالية أكثر من مجتمعاتنا الحقيقية التي عشنا بها عقودا جميلة وسعيدة نتذكرها ونتمنى عودتها...
ظهرت في هذا العصر إبداعات وتسهيلات رائعة، ترافق معها ظهور الكثير من المشاكل التي يكون بعضها ظاهرا للعيان والآخر مخفيا لا يحس به الكثير من الناس.

إن ما تميزت به وسائل التواصل الاجتماعي خاصة تويتر هي في القدرة على تسجيل الأفكار بسرعة وسهولة حتى أن السؤال المعتاد الذي يظهر في صندوق الكتابة هو (ما الذي يخطر ببالك؟ أو مالذي يحدث الآن؟) وهذا تسهيل رائع وممتاز لكتابة الأفكار ونشرها على العامة ليقرأها كل من يتابعك.
ولكن
هل هذا ما تريد؟
هل هذا هو أقصى ما يود الكاتب أو الشاب (المغرد) الوصول إليه؟

إنني أجد أن الكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي كتويتر وسيلة ناجحة جدا في إهدار القدرة على الكتابة الفعالة والمنتجة بالرغم من أنها وسيلة لاستثارة الأفكار وليس كتابتها وإفادة الآخرين منها.

توضح الدراسات بأن نسبة ضئيلة جدا من المتابعين لشخص ما على تويتر يقرؤون ما ينشر وذلك لأن أوقات كتابة التغريدة أو الفكرة أمر حساس، فإن لم يقرأها المتابع وقت كتابتها أو كان حريصا على قراءة فكرتك والدخول إلى صفحتك فإنها لن تكون موضعا في عقل أحدهم.

مع العلم بأن أكثر من 80% من مشتركي تويتر لا يتابعون أكثر من 100 شخص فقط..

فأين نحن في هذا الخضم؟

إن محدودية تويتر في الكتابة تجعل الشخص يختصر الفكرة كثيرا أو يضعها في عدد من التغريدات التي تجعل قراءتها عملية متعبة نوعا ما. إن هذا يجعل الفكرة تذهب من عقل صاحبها، ففي عقله الباطن هو قد كتب ما لديه ووضعه في مكان ما، وبهذه الطريقة يكون قد قتل فكرته وأصبحت حبيسة تويتر، قرأها القليل واستوعبها الأقل.

لم لا نحيي أفكارنا من خلال جعلها مقالات ومشاريع ومبادرات وأطروحات وأفلاما ومحاضرات ودورات تدريبية وغيرها. 
لم جعلنا أفكارنا مجرد تغريدة عابرة !!

إنني شخصيا أعتبر تويتر مقبرة الأفكار وقاتل الوقت
مقبرة الأفكار لأن الشخص لا يعطي فكرته أو خاطرته ما تستحق فتموت في غياهب تويتر. كما أن الأفكار هي الشرارة التي تبني الأمم وهي في تويتر لا شيء سوى مجرد 160 حرفا مر عليها البعض ونسيها لأنه مر على الكثير من غيرها.
لقد صاد ابن الجوزي خواطره فصارت (صيد الخاطر) الذي لا نزال نقرؤه بعد مئات السنين من وفاة صاحبه، لأن خواطره أصبحت كتابا وليس تغريدا.

تويتر قاتل الوقت لأنه يجعلك تقرأ الغث والسمين من الأفكار والتغريدات ويضيع الكثير جدا من وقت المتابع الذي كان من المفترض أن يكون في تطوير أو بناء ذات أو كتابة مفيدة للذات وللأمة.

لم لا يذهب كل منا إلى تغريداته ويبدأ في قراءة أفكاره ويبدأ في كتابه كتابه أو مقاله أو البدء في مدونته أو حتى الدورة التدريبية التي بإمكانه أن يطور من حوله من خلالها.
لم لا يكون تويتر فقط لوقت محدد من اليوم ولهدف محدد لا أكثر كي نكون شبابا منتجين نسعى نحو هدفنا بكل ما أوتينا من قوة.

لنتحول إلى شباب منتجين وليس مجرد عصافير مغردين، فالإنتاج يبقى بين الناس وليكن تويتر وما شابههة وسيلة انطلاق لا مقبرة لما تبدعه عقولنا..

ملاحظة: الكثير مما سبق أعلاه ينطبق بشكل كبير على فيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هذه أمي

جبهة النصرة.. هل هي للنصرة؟ أين المشروع؟

الشخصنة عند العرب