وقفة في واقعة استشهاد قادة الجهاد في أحرار الشام

سأتحدث في هذا المقال عن تخصصي فقط وبناء على الأحداث التي شاهدها الجميع..


عندما بدأ العمل المسلح في الثورة السورية كان الإخوة المجاهدون الذين كانت لديهم خبرة (وإن  كانت طفيفة) في العمل العسكري في الجيش السوري في طليعة من بدأ العمل المسلح.. وبدأت الخبرة تلعب الكثير من الدور الهام في هذا المجال، فجيش الإسلام على سبيل المثال لديه خبرات عسكرية كثيرة، الأمر الذي يجعله في عمل عسكري منظم أكثر من غيره، وكذا الأمر بالنسبة للكتائب التي كبرت كأحرار الشام والصقور ولواء التوحيد وغيرهم..

ولكن مع استمرار الحرب في سوريا وتحولها إلى حرب عالمية بكل معنى الكلمة وزادت تعقيدات المرحلة التي يمر بها الجهاد السوري، فلم تعد الخبرة السابقة التي بدأت الثورة عليها كافية أبدا، بل اصبحت الممارسات التي يقوم بها المجاهدون لعبا مقارنة بما تقوم به الدول العالمية التي تتنافس فيما بينها على الأرض السورية. وفي نفس الوقت كبر التحدي وازداد وكثرت المسؤوليات وزادت الأيدي السوداء (والرايات السوداء كذلك) وكثر العمل الاستخباري ودخل القاصي والداني إلى الأرض السورية ولم يعد الوضع كما كان منذ ثلاث سنوات وتزيد.

لهذه الأسباب وغيرها لم يعد لقادة الجهاد في سوريا الاعتماد على أنفسهم فقط، بل صار لزاما عليهم وبشكل لا يقبل النقاش أن يستعينوا بالخبرات من الخارج (الخبرات التي تعطيهم المنفعة والفائدة ولا تتدخل في أجندة الجهاد السوري) وهي موجودة بكثرة ولله الحمد والمنة من السوريين وغيرهم.

ولكن...
هذا بالضبط ما لم يفعله قادة الجهاد السوري الآن. ومع كل أسف...!!
ولهذا رأينا - على سبيل المثال- لواء التوحيد الذي انهار من كثرة ما قتل منه وتأتينا الفاجعة الآن في مقتل عدد من قادة حركة أحرار الشام التي تتميز بالتنظيم العالي والأمنيات العالية كذلك، ولكن تنظيمها وأمنياتها العالية هل كانت شفيعا لها كي لا تخسر قادتها؟ 

لا...
إنني هنا لا أعترض على قضاء الله وقدره بل احاول أن أضع الأمور في مواطنها...  إن عمل حركة أحرار الشام المنظم نقصته الخبرة والتخطيط عالي المستوى الذي لا يوجد في الغالبية الساحقة من الجهات المجاهدة في سوريا وهي خبرات لا تمتلكها مع الأسف كما أنهم (حتى اللحظة) ليس لديهم استعداد لإدخال خبرات جديدة على عملهم..

على سبيل المثال: المقر صفر لأحرار الشام تحت الأرض ومحصن جدا ولكن تصميمه ينقصه فتحات التهوية (وهو أمر بديهي في العمارة الحديثة) كما أنه لا يحتوي على نظام إنذار أو شفط، أضف إلى ذلك أن قادة على هذا المستوى الرفيع لم يكن واحد منهم يمتلك قناع غازات سامة يحمله معه حيثما ذهب وهم يعلمون أن النظام على استعداد لاستخدام الغازات السامة؛ ثغرة كبيرة لا يمكن التغاضي عنها... فحماية الأشخاص ذوو التأثير الهام أمر بديهي لم يلتفت إليه القادة مع الأسف وهو أمر نراه في حركات الجهاد الأخرى غير أحرار الشام بكل وضوح.

إن ضعف الخبرة والاستغناء الكبير المتعسف لقادة الجهاد عن جلب الخبرات سيكون له أسوأ الأثر في الأيام القادمة (لا قدر الله) فالعدو يتطور يوميا ويكتشف الثغرات بشكل مستمر والمجاهدون (مكانك راوح) من الناحية التنظيمية والإدارية والتخطيطية وحتى التنفيذية والرقابية والتشغيلية وغيرها.

فحتى متى سيقى قادة الجهاد قابعون في مكانهم والعالم من حولهم يتحرك... وحتى متى سيظلون خلف أسوار رفض الجديد من الخبرات والممارسات العملية؟

هم أفضل من كل من لم يجاهد بل هم في نخبة هذه الأمة ولكن هذا لا يمنع أن نمسك بيدهم وندلهم على ما نراه من الصواب الذي يجب أن يكون، فهذه أمانة في أعناقنا لأمتنا وديننا.

نسأل الله لهم السداد والتوفيق والنصر المؤزر عاجلا غير آجل

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هذه أمي

جبهة النصرة.. هل هي للنصرة؟ أين المشروع؟

الشخصنة عند العرب