الحق الذي نستحق
تعاني الأمة العربية والأمة السورية بشكل خاص
من عدم معرفة ما هو الحق الذي يستحقه كل فرد فيها.. الحديث هنا ليس عن الأمور
الاختيارية التي قد يرغبها شخص ويحجم عنها آخر، بل هي الحقوق التي يريدها كل إنسان
على هذه الأرض كي يعيش كإنسان كريم.
الحقوق هي ما تجعل الإنسان حرا لا عبدا، منطلقا
لا مقيدا، مبدعا لا عاملا فقط، مجددا لا مقلدا فقط ، منتجا لا مستهلكا فقط ، عالما
وباحثا لا مستفيدا فقط.
هناك حقوق عامة وأساسية لا غنى لإنسان عنها
كحقوق العيش الكريم والأمن والأمان والعدل والعلاج الصحي المضمون والتعليم الراقي والقدرة
على العمل والكسب الحلال والزواج ورعاية العائلة وغيرها الكثير.
وهناك حقوق أخفيت عن الشعوب فلم يعد أحد يطالب
بها حتى صارت من الكماليات التي لا يطمح أحد بالحصول عليها إلا بصعوبة كالتأمين
الصحي والتأمين على الممتلكات، التعليم المجاني ، الخدمات الإلكترونية، مؤسسات
المجتمع المدني، المشاركة في اتخاذ القرارات الحكومية الإعلام الحر الحيادي البنية
التحتية القوية والمستقرة، الخدمات
المتطورة وغيرها الكثير.
يقوم الحاكم الصالح بتوعية شعبه تجاه الحقوق
التي عليه توفيرها لهم ووضع الخطط والبرامج التي تعمل على إيصالها للشعب كما يقوم
بإعلان تلك الخطط لهم ليكون الشعب على علم ومعرفة بما يتم تقديمه له.
أما بشار الأسد ومن على شاكلته فالهم الأكبر
لديهم هو إخفاء الحقوق عن الشعب والحرص على عدم معرفته بها وإن عرفها فهو يحرص على
أن الشعب لن يطالبه بها وإن طالبه بها أحد فلن يعدو ذلك أن يكون جهدا فرديا يحصل
صاحبه على عقاب لا يحسد عليه، وما هذا التصرف من الحاكم الظالم إلا لأنه يستصغر
الشعب بأكمله وينظر إليه نظرة استعلاء تجعل هذا الحاكم يقتنع أن هذا الشعب لا حق
له إلا ما أراد هو أن يتنازل عنه وهذا ما كان يحدث قبل الثورة المجيدة المباركة.
مصيبتنا هي أننا لم نعمل على توعيه أنفسنا
لمعرفة ما هي حقوقنا، فصار الحاكم الظالم إن قدم شيئا تقوم قائمة إعلامه ولا تقعد وتطبل
له وتزمر بأن هذا الحاكم المغوار قد قدم للشعب الكثير... وهذا ما يحدث وحدث معي
اليوم بشكل خاص مع أحد (المنحبكجية) الذين يعملون معي في الشركة الذي صار يتبجح أن
بشار الأسد هو من أتى بالبنوك الأجنبية إلى سوريا وهو من أتي بالإنترنت والاتصالات
وووو،،، المشكلة أن ذلك المسكين لم يعلم أن هذه الخدمات وغيرها هي من حقوق الشعب
الأساسية التي يجب على الحاكم تلبيتها ولا شكر له على ذلك أبدا (فلا شكر على واجب)
، هذا مبدأ يجب أن يكون في الحسبان..
إن ثورة الشعب السوري لم تقم إلا لانتزاع حق من
حقوقه المهضومة وهو حق العيش بكرامة وحرية. وإن للحقوق أولويات وما ثار من أجله الشعب
السوري يأتي في طليعة الأولويات.. ولن تتوقف ثورة الشعب السوري أبدا حتى ينال كامل
حقوقه غير منقوصة، ولقد بدأ الشعب السوري حربه لانتزاع حقوقه بالحق الأكبر وهو
الحرية والكرامة لذا فإن المعركة سوف تكون أكثر شراسة ولكن النتائج سوف تكون أفضل
بعون الله تعالى وتوفيقه وسوف تتدرج النتائج لتشمل جميع الحقوق التي لم تكن تخطر
ببال الشعب السوري يوما من الأيام.
الحقوق لا تختلف من دولة إلى أخرى بالرغم من
أنها تتزايد وتتغير مع مرور الزمن واختلاف متطلبات العصر... وما حجة أن حقوق شعب
ما تختلف عن حقوق شعب دولة أخرى ليست إلا حجة واهية يتبجح بها السياسيون لشعوبهم.
فكلنا لآدم والحقوق واحدة. ومن المعروف أن السياسيون هم أكثر الناس كذبا فلماذا
يعامل الشعب الحاكم على أنه الصادق الصدوق؟
الحقوق هي ما يجب على كل إنسان الحصول عليه
والسعي لنيله لأنه حق لنا وملكنا وليس لأحد في الدنيا أن يتكرم علينا بحق هو لنا، وإن
من ينظر إلى حقوقه على أن حاكما تكرم بها عليه فهو في ذل عبودية لا يخرجه منها
أحد.
وإن قدم الحاكم لشعبة الحقوق الدنيا ومنع عنه
الحقوق الكبرى فهو كمن وضع شخصا في سجن وقال له كل ما شئت من الطعام.
الحقوق هي كل ما نحتاجه لنحيا حياة كريمة
وبإمكاننا المقارنة مع الأمم الأخرى كي نصل إلى استيعابٍ أكبر لمعرفة ما نستحق. عندما
ينال الشعب حقه الكامل فإنه يصبح شعبا منتجا مبدعا فيه العلماء والمخترعون وينتقل
الناس من الركض والجري وراء لقمة العيش إلى أن يصبح قراره بيده ويقوم ببناء الأرض
وإفادة الأمم الأخرى وهذا ما يطمح إليه الشعب السوري والشعوب العربية بأسرها وهذا
هو هدفنا. وننتقل بعد ذلك إلى الهدف الأسمى وهو تحرير كل شبر مغتصب من أراضينا
والوصول إلى ذروة النصر على أعدائنا.
ليس من السهل الحصول على الحق في زمن الظلم
والتجبر ولكن هذا لا يعني أبدا أن علينا التنازل عنه، وعلى المثقفين والعلماء
والخطباء الحرص على أن تعي الشعوب التي عاشت عقودا تحت الظلم ما هو الحق الذي
تستحق.
تعليقات
إرسال تعليق